المكان يعبق بالطهر و النقاء
كل ما يحيط بك مكسو بغلالة إيمانية عطرة.
الناس ما بين راكع و ساجد و ذاكر. لا يجمعهم رابط فالألوان مختلفة و الألسن متباينة و السحنات متنوعة .
جنسيات شتى و عرقيات من كل حدب وصوب
.شيء واحد يجمعها هو " لا اله إلا الله محمد رسول الله" .
لا شك انكم بدأتم تتلمسون ملامح المكان .
انه المسجد النبوي… مسجد المدينة و طيبة و يثرب و مهاجر المصطفى عليه الصلاة و السلام .
احدثكم يا سادة و انا على بعد خطوات من قبر اعظم رجل وطأت قدمة الثرى .و لعمري ان بقعة نالت هذا الشرف تستحق ان تزهوا بنفسها و تتمايل فخرا و خيلاء و ان تخر ساجدة لله شكرا على هذا النعيم المقيم ..
نعم انه المسجد النبوي الشريف
حيث كل شيء يذكرك بالله و بالرسول و بالاسلام .
هنا المسجد النبوي .. الروضة و المنبر و السواري
هنا المسجد النبوي .. باب السلام و زاوية اهل الصفة و البقيع بالجوار.
هنا النقاء في انصع معانية و الايمان في ارقى مبانية .
هناك قام يصدح بالحق محمد
و نصب قامته يتهجد ليله محمد
و حدث اصحابه محمد
و جيش الجيوش محمد و ادار الامور محمد
ذكرى محمد امتزجت بهذا المسجد كما لم يمتزج به موضع قط .
هنا الصحابة مازالت روائع ذكرياتهم العطرة تضوع الجنبات و الخاولد من اثارهم تقتحم الفجوات .
هنا جلس ابو بكر .. هناك قام عمر .. الى الجوار تحاور علي و عثمان ..
طلحة اضطجع البارحة عند تلك الزاوية و عبد الرحمن بن عوف قسم امواله عند المنبر .
اصحاب الصفة مازالوا يطون يومهم جوعى في زواياه .
انظر يا هذا و تفحص فما ثم الا صحابي رائح و اخر غاد.. و جلال و بهاء يناطح قمم الجبال
وا لهف نفسي على تلك المكانات العظام و الازمنة الجسام و رحم الله تلك العظام
من هذا المسجد تكونت نواة الدولة الاسلامية الاولى لتشع للدنيا انوار الهداية و السداد
الايات .. جبريل… الوحي … يتنزل بين تلك السواري و الاعمدة فما اعظمها من منزلة .
من ذلك المكان الطاهر ابرزنا للدنيا اعظم دستور .
من تلك الربى ارسل محمد رسل الخير و البر الى اصقاع المعورة
فانزاح الظلم و نشر العدل و سعدت البشرية و ازيلت ادران الكفر الدنية
ما اجملك يا قران و انت تتلى في دارك الاول و منزلك الاصيل ..
وقف بك في تلك الديار محمد و صحبه يقطعون لياليهم و ايامهم يرتلونك و يحفظونك و يستلهمون منك المنهج و الدستور
رحل البدر في تمامه و غابت شمس الرسالة و تعاقبت الصحب يتعاهدونك .. يا مسجد
بقيت انت البؤرة و المحور في كل شيء .
توالت الدول و الدهور . جائت الاموية و العباسية و دول و ممالك .. فما ازدت الا رفعة و جلالا
كنت انت المقدم و المحترم يططأ لك الملوك و العظماء رؤوسهم عند دخولهم حرمك احتراما و وفاءا لما تضوعت به من ماثر و ذكريات
و اليوم يا مسجد الحبيب
في غربة هذا الدين الحالية التي تان له قلوب المؤمنين الصادقين
يبرز دورك و يعلو سهمك موطنا و ملاذا يأرز اليه الايمان
يا قلب المدينة النبوية النابض
لا نتلفت يمنة و لا يسرة لا و نرى فيك وجه وضاء و يد داعية و قلب مبتهل
حلقات العلم تزين جنباتك فقه و تفسيرا و عقيدة و حديثا
ارى فيك وجوها ليست ككل الوجه …
لها سحنة خاصة و اشراقة مميزة
نور يشع و هالة ايمانية تنضح بالطهر
تعمرك صلاة و دعاء و مناجاة
نعمت بهم و نعموا بك ..يا مسجد
اشهد الله يا مسجد الحبيب اني ما احببت في الدنيا بقعة اكثر منك خلا بيت الله في مكة .
لا مرتعا للطفولة او مجرى للشباب .. فانت اسمى و اجل من كل مكان
لن اقطع العهد بك ما استطعت الى ذلك سبيلا
و اسال الله عز و وجل ميتة بجوارك و قبر يحوي عظامي في بقيعك العتيق